الأربعاء، 29 سبتمبر 2010

قصة نجاح


ما يهمنا هنا هو فكرة تصميم اللعبة، وكيفية التسويق لها حتى انتشرت بهذا الشكل الواسع. بدأت القصة في عشية يوم 15 ديسمبر من عام 1979 حين كان هيني ذو الأصل الكندي محرر الصور يجالس أصدقاء له من ضمنهم زميله الصحفي الرياضي سكوت آبوت، وتطرقا في النقاش حول نبوغ لعبة سكرابل التي تعتمد على تجميع الحروف المتناثرة لتكوين كلمات طويلة تجلب عدد نقاط أكبر على رقعة اللعب. لأن نسختهما من لعبة سكرابل عانت من بعض غياب القطع الضائعة، بدآ يفكران في لعبة مشابهة لها. توصلا بالتفكير إلى تصميم لعبة جديدة تماما تعتمد على المعلومات العامة، مكونة من قرابة 6 آلاف سؤال موزعا ما بين مختلف العلوم والمواضيع، وشاركهما المزيد من الأصدقاء في الإعجاب بهذه الفكرة، وبالعمل على تحويلها من فكرة إلى منتج فعلي. من ضمن الأصدقاء الذين ساعدوا على تنفيذ هذه الفكرة محام كتب عقد الشراكة ما بين الصديقين والذي أعلن عن تأسيس شركة هورن آبوت المحدودة. بعدها استقال هيني وسافر إلى أسبانيا مع زوجته وابنه وأخيه ولحق بهم صديقه آبوت للبحث عن هذه الأسئلة وتجميعها، وكان ذلك في خريف وشتاء عام 1980.
بعد الانتهاء من جمع الأسئلة، جاء وقت تجربة تقبل السوق، عبر طبع وتوزيع نموذج أولي من اللعبة، وكانت التكلفة اللازمة لهذه الخطوة قرابة 75 ألف دولار، ولما لم يملك الثنائي هذا المبلغ، عمدا إلى بيع حصص (=أسهم) في الشركة، قيمة كل حصة 500 دولار. كما هو متوقع، بعد طباعة النماذج الأولية، رفضت العديد من الجهات قبول اللعبة أو الحديث عنها، كذلك رفض العديد من المصممين والفنانين الذين صمموا أغلفة اللعبة والدعايات المرسومة لها قبول أجرهم في صورة حصص من الشركة، وفضلوا السداد بالمال والنقد، وهو قرار ندموا عليه كثيرا بعدها.
استمرت فترة الجدب حتى عام 1982 حين تفتق ذهن الثنائي عن فكرة تسويقية بديعة، إرسال نسخ من اللعبة إلى المشاهير الذين جاء ذكرهم في اللعبة في الأسئلة وإجاباتها، وهي خطوة تعادل أول شرارة كهربية تصيب خزان الوقود الممتلئ، والبقية كما يقولون … متوقعة. بحلول عام 1984 باعت اللعبة أكثر من 20 مليون نسخة، وتبلغ اليوم أكثر من 100 مليون نسخة مباعة، وترجمت اللعبة للعديد من اللغات العالمية، وصدر منها عدة نسخ، للكبار والصغار وإلكترونية وغير ذلك، حتى اشترتها شركة هاسبرو من أصحابها مقابل 80 مليون دولار في عام 2008.
وأما بعض الأصدقاء الذين قبلوا السداد عبر حصولهم على حصة في الشركة، فلقد سعدوا حين بلغت قيمة حصتهم أكثر من مليون، فقط بعد مرور بضع سنوات على إنشاء الشركة. كان الثنائي يطلب المساعدة من كل وأي صديق، بأي شكل وصورة، في المبيعات وفي التصميم والإعلان، ومن ضمن هؤلاء صديقة للمجموعة آلت على نفسها أن تأخذ النسخ الأولية من اللعبة وتحاول بيعها في الدارس الثانوية وفي تجمعات الطلاب.
لم تكن المعلومات العامة المذكورة في بطاقات اللعبة جديدة أو غير معروفة، لكن فكرة تقديم المعلومة بهذا الشكل التنافسي المرح كان هو غير المسبوق، وهو ما صنع نجاح المشروع، وهو ما جعل الجمهور يتقبل فكرة شراء لعبة ورقية سعرها 30 دولار!
لماذا أحكي عن قصة مثل هذه؟ لأن الفكرة بسيطة، وتنفيذ مثلها أو ما هو أفضل منها على المستوى العربي سهل ولن يكون ذا تكلفة مرتفعة. الأمر كله بحاجة لعقل مفكر ومبدع، أم أنك لا توافقني الرأي؟!
منقول شبايك

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق